هدى أحمد المشرفه العامه
عدد المساهمات : 65 تاريخ التسجيل : 26/10/2011 الموقع : galf
| موضوع: المناصب تكليف مخيف ، وليست بتشريف /د.عارف عوض الركابي الإثنين ديسمبر 26, 2011 2:58 pm | |
| اولاً استميحني عذراً نقلت مقالاتك فقد اعجبتني واعتبرتها فخراً لابناء قريتي من فلذة كبدها الله يوفقك
الرئيسية | مقالات | المناصب تكليف مخيف ، وليست بتشريف /د.عارف عوض الركابي المناصب تكليف مخيف ، وليست بتشريف /د.عارف عوض الركابي 11/12/2011 09:04:00 حجم الخط: عارف عوض الركابي ما رأيته من حال (كثيرين) و(كثيرات) قبل التعيينات وإسناد الوزارات أو ولاية الولايات أو إدارة الجامعات أو المنظمات والإدارات وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة ، حملني على كتابة هذا المقال ، وفي عدة مناسبات سابقة حاولت الكتابة فيه لكن توقعي لأن يختلف الأمر في المستقبل حال بيني وبين ذلك ، ولكني لما رأيت أن الأمر بالعكس تماماً ، إذ يتزايد الحرص من (كثيرين) و(كثيرات)على تقلد للمناصب ، رأيت أن أسطر هذه الكلمات من باب النصح العام في هذا الشأن العظيم. حال الكثيرين يحكي لنا : أن بعضهم يبذل كل ما لديه لأجل أن يتم تعيينه في منصب من هذه المناصب وأمثالها !! يطلبها بطريق مباشر أو غير مباشر ، والوسائل التي تستخدم في ذلك كثيرة ومتنوعة!! وبعضهم يغضب إن لم يتم تعيينه في المنصب الذي اجتهد كثيراً للظفر به !! وربما استقبل المعزين له لحلول هذه المصيبة به ، وقد يأتي إليه من يطيبون خاطره ويخففون من آلامه !! البعض يفرح فرحاً شديداً إذا صدر أمر تعيينه ، وربما ذبح الذبائح ودعا الناس ليهنئوه بهذا المنصب !! وقد يجعل يوماً محدداً ليستقبل فيه المهنئين !! وقد يخصص مكاناً لاستقبال ما يتكرم به بعض المهنئين من هدايا عينية من المنقولات !! .. كجوالات السكر ونفائس الضأن والماعز لبعض الذين عينوا في بعض الوظائف والإدارات !! وربما غضب وعاتب ووجد في نفسه تجاه من لم يهنئوه أو يشاركوه الفرحة !! وبنى على عدم حضورهم ومشاركتهم الظنون والظنون!!أحزاب ترفض وتتذمر لقلة ما أعطوها من الوزارات وأخرى تطالب بالمزيد!! فالمناصب باتت عندهم غايات وليست وسائل! هذا واقع (كثيرين) و(كثيرات) !! ، وربما أصبح هذا الحال واقعاً مشاهداً وعرفاً مستقراً ليس بمستغرب عند الكثيرين!! إن تقلد الشخص لهذه المناصب وأمثالها ، يوجب عليه أداء حقوق عظيمة ، ويوجب عليه القيام بما كلف به على الوجه الذي يجب القيام به دون التقصير فيه ويوجب عليه الحرص على السلامة من تبعاته ، لذا كان السؤال الذي يجب أن يكون ملازماً لكل شخص يقدم على هذه المناصب بعرض نفسه للتعيين أو قبوله للتعيين أن يسأل نفسه : هل هو أهلٌ لذلك ؟! ويتضمن هذا السؤال العام في طياته تساؤلات عديدة منها : هل بما يعلم من حاله أنه يمكنه القيام التام بما وجب عليه من مسؤوليات ؟! وهل أدرك ما في هذه المناصب من فتن ؟! وهل بما يعلم من حاله أنه سيأمن من فتن هذه المناصب ؟!وهل نظر في أحوال غيره ممن هم أحق أجدر بهذه المناصب وقارن بحاله؟! عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قَالَ : « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ». رواه مسلم وغيره. فهل من يتنافسون في تقلد هذه المناصب ويفرحون بها وقفوا على معنى هذا الحديث العظيم ؟! قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث : (هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها أو كان أهلا ولم يعدل فيها فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه ويندم على ما فرط وأما من كان أهلا للولاية وعدل فيها فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة كحديث سبعة يظلهم الله والحديث المذكور هنا عقب هذا أن المقسطين على منابر من نور وغير ذلك وإجماع المسلمين منعقد عليه ومع هذا فلكثرة الخطر فيها حذره صلى الله عليه و سلم منها وكذا حذر العلماء وامتنع منها خلائق من السلف وصبروا على الأذى حين امتنعوا)أ.هـ. ورحم الله الإمام النووي فقد أجاد على عادته بهذه العبارات الموجزات ، وقد نقلها عنه بعض العلماء وعلى رأسهم الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري (فتح الباري). فهل أنت يا صاحب الوزارة أو الولاية أو أمثالهما أهل للمنصب الذي عينت فيه ؟! وهل ستقوم بأداء ما وجب عليك من مسؤوليات ؟! وهل قد أمنت فتنة المنصب الذي جلست على كرسيّه ؟! وما قاله النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق لأبي ذر يوجب على كل حاكم أن يعين في هذه المناصب وأمثالها أهل الكفاءة ، والمؤهلين (بحق) فيها ، وقد ورد ملخص صفات الأهلية لذلك في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه قال الله تعالى : (إن خير من استأجرت القوي الأمين) ، فأبوذر صحابي كريم وجليل وله مناقبه العظيمة الثابتة وهو من أئمة الزهد في الدنيا والبعد عن زخرفها ، والإقبال على ما عند الله ، رضي الله عنه وأرضاه ، ، لكن الأمر حكم فيه النبي الكريم بهذا الحكم ، فالأمر لا يخضع لمجاملة أو تطييب خاطر ، وإنما إسناد الأمر لمن يقوم به على الوجه الأفضل ، والناس يتفاوتون في صفاتهم وأحوالهم ، وهذا منهج وضعه النبي عليه الصلاة والسلام الحريص على أمته لتعمل به أمته ، رعاة ورعية ، حكاماً ومحكومين ، وبه تحفظ الحقوق ، وتؤدى المسؤوليات ، فلا يقدم الشخص نفسه للمنصب الذي لا تتحقق فيه شروطه وأوصافه ، كما أن الحاكم لا يعين من لا يتحقق فيه ذلك. فليتدبر الخائف على آخرته ومصيره قول الصادق الأمين : (وإنها يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا) ، وليبحث عن طريق نجاته ، وهذا هو المستقبل الحقيقي إن أدركوا وعلموا. إن في هذه المناصب وأمثالها مسؤولية عظيمة لا تخفى على الصغير والكبير ، خاصة في بلدنا السودان وأمثاله ، فنحن في بلد تحيط به الفتن والابتلاءات والمصائب في الماضي والحاضر ونسأل الله أن يلطف به وبأهله في المستقبل ، فالمسؤولية عظيمة ويترتب على هذه الوظائف حمل ثقيل يوجب على من يقدم علىها ، أو يقبل التعيين فيها أن ينظر لنفسه ومسؤوليته ويتذكر سؤال الله تعالى له ، وما يترتب على تفريطه في مسؤوليته في العاجل والآجل ، فإن المخالفات الشرعية ، والظلم والتفريط في حقوق العباد ، وإن أخذ المال بغير حقه ، أو التقصير في القيام بالواجبات وغيرها من الأمور هي من أسباب عقوبات ربانية عاجلة أو آجلة ، وإن الله جل وعلا سميع بصير قادر لا تخفى عليه خافية. (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) هذا حديث مشهور رواه البخاري ومسلم ، يؤكد المسؤولية التي خاف منها الصالحون فأبوا وأعرضوا عن المناصب فقد دوّن في الكتب رفض الكثيرين للقضاء والإفتاء ، وإن بعضهم قد عُذّب بسبب عدم موافقته على التعيين في مثل هذه المناصب ، التي يقيم لها البعض في زماننا أمكنة وأزمنة خاصة لتلقي المهنئين!! واليقين أن وقت السؤال لن يكون بعيداً (إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً) .. إنها المسؤولية التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : (لو ماتت شاةعلى شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء وهو حسن لغيره. وهذا شأن عمر الخليفة الراشد الإمام العادل الذي نزل القرآن موافقاً لما اقترحه وقاله في عدة مواضع!! ولو أنا إذا متنا تركنا***لكان الموت راحة كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا *** ونسأل بعدها عن كل شيء وإذا كانت مسؤولية المسلم تجاه دينه وأسرته ومن يعول قد جعلت الكثيرين يعيشون طول عمرهم مشفقين خائفين على أنفسهم من تفريطهم فيها ، وإخلالهم بها ، فكيف بمن تقلدوا مثل هذه المناصب التي قد لا يحصي بعضهم بنفسه مسؤولياته فيها وما يجب عليه أداؤه في أعمالها؟! إن في هذه المناصب والوظائف فتنة المال ، وهي فتنة عظيمة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (لكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتي المال) رواه الترمذي والحاكم وأحمد في المسند وصححه الألباني. كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله : (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني ، وفي رواية : (مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ بَاتَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حُبِّ ابْنِ آدَمَ الشَّرَفَ وَالْمَالَ). فالمال وطلبه والسعي في تحصيله فتنة عظيمة ويفتك بالمرء فتك الذئب بالشياه الضعيفة البريئة، والجاه والمظاهر والمكانة الاجتماعية أيضاً فتنة عظيمة حملت الكثيرين والكثيرات للوصول إليها بوسائل وطرق محرمة وغير صحيحة ، ونحن في زمان ضاعت فيه أمانة المال عند كثيرين ، وقل الخوف من الله تعالى فكثر التعدي على المال العام والخاص ، وسارت بأخبار ذلك الركبان ، مما يؤكد التحذير النبوي العظيم من هذه الفتنة ، وقد وغفل وأعرض وربما جهل الكثيرون الوعيد الشديد والتحذير الأكيد الوارد في هذا الأمر ، ومن ذلك ترتب عقوبات عاجلة وآجلة وفضائح عظيمة تلحق الواقعين في المال العام والخاص ، وذهاب للبركة ، وأمراض وأسقام تصحبهم ، وإن السؤال عنها سيكون عظيماً ومصيبته أكبر من مصائب الدنيا ، وسيجدونه أمامهم يوم القيامة : (وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه). كما أن أداء العمل وفق ما يجب أمر عظيم ومسؤولية كبيرة ، فليست المسؤولية فقط في النزاهة والأمانة فإن (القوة) بما يتضمنه معناها ، يجب تحققها أيضاً ، فمن لا يستطيع أداء ما يجب عليه فليرحم نفسه ، وليسعى في نجاتها فذلك أولى وأحق ، وإن الله الذي تكفل برزق النمل والطير قد تكفل برزقه (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) والحديث في هذا يطول وحسبي إشارات في هذا الموضوع الخطير ، ولا يخفى أن من أخذها بحقها وأدى حق الله فيها فإن أجره سيكون عظيماً وعاقبته كريمة ، وقد طلبها يوسف عليه السلام لما علم أنه لن يقوم به أحد غيره على وجهها ، فيقبل على الموافقة عليها من علم أنه لا محيص عنها ، ولا تبرأ الذمة إلا بقيامه بها ، حرصاً على المصلحة العامة ، وقد يكون واجباً على أمثال هؤلاء القيام بها ويأثمون إن تركوها ، وحاله أنه يكون مشفقاً على نفسه من التقصير فيها ، فهذه الوظائف وسائل لا غايات ، والوسائل لها أحكام الغايات والمقاصد ، وتفصيل هذه المسألة وأحكامها معلوم فصله العلماء في كتبهم ، وأشار النووي في ما نقلته بهذا المقال إلى خلاصته. والموفق من وفقه الله .. منقول من منتديات سودانيز اون لاين
| |
|