ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳـﺔ ... ﺩﺭﻭﺱ ﻭ ﻋﺒـﺮ ...
ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻳﻠﺤﻆ
ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻤﺎً ﺑﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺩﺭﻭﺳﺎً
ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺟﻤﺔ
ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﻭﺗﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﻣﺔ
ﺑﻌﺎﻣﺔ. ﻓﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻹﺟﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
.
.
- 1 ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺧﺬ
ﺑﺎﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﺒﻘﺎﺀ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﻌﻠﻲ ﻭﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﻌﻪ؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ
ﻳﻬﺎﺟﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ،
ﻓﻌﻠﻲّ ﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺃﺑﻮ
ﺑﻜﺮ ﺻﺤﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ.
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻌﺎﻧﺘﻪ
ﺑﻌﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺭﻳﻘﻂ ﺍﻟﻠﻴﺜﻲ ﻭﻛﺎﻥ
ﺧﺒﻴﺮﺍً ﻣﺎﻫﺮﺍً ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻖ.
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺘﻢ ﺃﺳﺮﺍﺭ
ﻣﺴﻴﺮﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻟﻬﻢ ﺻﻠﺔ ﻣﺎﺳّﺔ، ﻭﻣﻊ
ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺇﻃﻼﻋﻬﻢ ﺇﻻ
ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﻨﻮﻁ ﺑﻬﻢ، ﻭﻣﻊ ﺃﺧﺬﻩ
ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻣﻠﺘﻔﺘﺎً ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻄﻮﻳﺎً
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ.
- 2 ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ
ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ:
ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺧﺎﻣﻼً، ﻓﻴﻄﻠﺐ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻧﺒﺎﻫﺔ
ﺷﺄﻥ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﻼً ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻰ
ﺑﺴﻄﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ؛ ﻓﻴﺒﻐﻲ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ
ﺛﺮﺍﺀ؛ ﻓﺈﻥ ﻋﻴﺸﻪ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻫﺐ
ﻳﺼﺐّ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪﻩ ﺭﻛﺎﻣﺎً ﻛﻌﻴﺸﻪ
ﻳﻮﻡ ﻳﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺃﺫﻯً
ﻛﺜﻴﺮﺍً.
- 3 ﺍﻹﻋﺘﺪﺍﻝ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ:
ﻓﻴﻮﻡ ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ
ﻣﻜﺔ ﻣﻜﺮﻫﺎً ﻟﻢ ﻳﺨﻨﻊ، ﻭﻟﻢ ﻳﺬﻝ، ﻭﻟﻢ
ﻳﻔﻘﺪ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﺮﺑﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻣﺎ ﻓﺘﺢ ﻭﺃﻗﺮ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﻌﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﻄﺶ ﺯﻫﻮﺍً ،
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻌﺎﻇﻢ ﺗﻴﻬﺎً؛ ﻓﻌﻴﺸﺘﻪ ﻳﻮﻡ
ﺃﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﻛﺎﺭﻫﺎً ﻛﻌﻴﺸﺘﻪ ﻳﻮﻡ
ﺩﺧﻠﻬﺎ ﻓﺎﺗﺤﺎً ﻇﺎﻓﺮﺍً، ﻭﻋﻴﺸﺘﻪ ﻳﻮﻡ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻳﻼﻗﻲ ﺍﻷﺫﻯ ﻣﻦ
ﺳﻔﻬﺎﺀ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﻛﻌﻴﺸﺘﻪ ﻳﻮﻡ ﺃﻃﻠﺖ
ﺭﺍﻳﺘﻪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﺃﻃﻠﺖ ﻋﻠﻰ
ﻣﻤﺎﻟﻚ ﻗﻴﺼﺮ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺗﺒﻮﻙ.
- 4 ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﺘﻘﻮﻯ
ﻭﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ:
ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻟﺮﺃﻱ
ﻳﻈﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺍﻝ
ﻭﺍﺿﻤﺤﻼﻝ.
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺗﻌﻄﻲ
ﺩﺭﺳﺎً ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﺘﻘﻮﻯ
ﻭﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ. ﻓﺎﻟﻨﺒﻲ ﻳﻌﻠّﻢ ﺑﺴﻴﺮﺗﻪ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺃﻥ
ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺃﺷﻴﺎﻉ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﻻ
ﻳﻬﻦ ﻓﻲ ﺩﻓﺎﻋﻬﻢ ﻭﺗﻘﻮﻳﻢ ﻋﻮﺟﻬﻢ،
ﻭﻻ ﻳﻬﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ،
ﻓﻴﺸﺘﺪ ﺑﺄﺳﻬﻢ، ﻭﻳﺠﻠﺒﻮﺍ ﺑﺨﻴﻠﻬﻢ
ﻭﺭﺟﺎﻟﻬﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ﺟﻮﻟﺔ،
ﻭﻷﺷﻴﺎﻋﻪ ﺻﻮﻟﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻓﺈﻧﻤﺎ
ﻫﻲ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺻﺒﺮﻭﺍ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ
ﻣﺼﻠﺤﻮﻥ.
- 5 ﺛﺒﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ
ﺍﻟﺤﺮﺟﺔ:
ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻟﻤّﺎ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ.
ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ
ﻣﻮﻗﻊ ﻗﺪﻣﻪ ﻷﺑﺼﺮﻧﺎ.
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻟﻪ} : ﻣﺎ ﻇﻨّﻚ
ﺑﺎﺛﻨﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ .{
ﻓﻬﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ،
ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻹﺗﻜﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺨﻠﻰ
ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺟﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﺑﺨﻼﻑ ﺃﻫﻞ
ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ؛ ﻓﻬﻢ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ
ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﻭﻳﻨﻬﺎﺭﻭﻥ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﺛﻢ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻴﺎً ﻭﻻ ﻧﺼﻴﺮﺍً.
- 6 ﺃﻥ ﻣﻦ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻭﻳﺆﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﻟﻤﺎ ﺍﺋﺘﻤﺮ ﺑﻪ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻗﺮﻳﺶ
ﻟﻴﻌﺘﻘﻠﻮﻩ، ﺃﻭ ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ، ﺃﻭ ﻳﺨﺮﺟﻮﻩ ،
ﻓﺄﻧﺠﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺣﺜﺎ ﻓﻲ
ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﺳﻠﻴﻤﺎً ﻣﻌﺎﻓﻰ.
ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻨﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ، ﻓﻤﻦ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ
ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻔﻆ ﺑﻪ ﺃﻥ
ﻳﺤﻔﻆ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻔﻆ
ﺷﺎﻣﻞ ﻟﺤﻔﻆ ﺍﻟﺒﺪﻥ، ﻭﻟﻴﺲ
ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻌﺼﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ؛ ﻓﻼ
ﻳﺨﻠﺺ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﺘﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺼﺎﺏ ﻟﺘﺮﻓﻊ
ﺩﺭﺟﺎﺗﻪ، ﻭﺗﻘﺎﻝ ﻋﺜﺮﺍﺗﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﺄﻥ
ﻛﻞ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ.
- 7 ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺒﺮ:
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﻴﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ
ﻳﺼﺮﻑ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺟﻤﻠﺔ ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﺍﻹﺑﺘﻼﺀ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺍﻷﻛﺮﻡ؛ ﻟﻴﺴﺘﺒﻴﻦ ﺻﺒﺮﻩ، ﻭﻳﻌﻈﻢ ﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺟﺮﻩ، ﻭﻟﻴﻌﻠﻢ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻹﺻﻼﺡ
ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺘﺤﻤﻮﻥ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﻭﻳﺼﺒﺮﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺫﻯ ﺻﻐﻴﺮﺍً
ﻛﺎﻥ ﺃﻡ ﻛﺒﻴﺮﺍً.
- 8 ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﻣﻼﻗﺎﺓ
ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ:
ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﻠﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﻭﺍﻟﻄﻐﺎﻡ ﺃﺫﻯً
ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻓﻴﻀﺮﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺻﻔﺤﺎً ﺃﻭ ﻋﻔﻮﺍً ،
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﺎﺗﺤﺎً ﻇﺎﻓﺮﺍً ﻋﻔﺎ
ﻭﺻﻔﺢ ﻋﻤﻦ ﺃﺫﺍﻩ.
- 9 ﺇﺳﺘﺒﺎﻧﺔ ﺃﺛﺮ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ:
ﺣﻴﺚ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﺑﻪ ،
ﻭﺻﺒﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺍﺟﻬﻮﻩ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﻓﺼﺎﺭﺕ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺣﻘﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ.
- 10 ﺇﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻗﻮﺗﻪ:
ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻤﻜﺔ ﻣﻐﻤﻮﺭﺍً ﺑﺸﺨﺐ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺑﻼﺀ
ﺷﺪﻳﺪ؛ ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻭﺭﻓﻌﺖ
ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺨﺐ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ،
ﻭﺧﻠﺼﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮ ،
ﻭﺃﻭﺭﺛﺘﻬﻢ ﺣﻴﺎﺓ ﻋﺰﻳﺰﺓ ﻭﻣﻘﺎﻣﺎً
ﻛﺮﻳﻤﺎً.
- 11 ﺃﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺷﻴﺌﺎً ﻟﻠﻪ ﻋﻮّﺿﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻨﻪ:
ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ،
ﻭﺃﻫﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺐ
ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻟﻤﺎ ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻟﻠﻪ،
ﺃﻋﺎﺿﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﻥ ﻓﺘﺢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ،
ﻭﻣﻠّﻜﻬﻢ ﺷﺮﻗﻬﺎ ﻭﻏﺮﺑﻬﺎ.
- 12 ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ.
- 13 ﺇﺟﺘﻤﺎﻉ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ
ﺷﺄﻧﻬﻢ.
- 14 ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ
ﻭﺍﻷﻧﺼﺎﺭ.
- 15 ﻇﻬﻮﺭ ﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ:
ﻓﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻗﺒﻞ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ
ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺣﺮﺯﺕ
ﻓﻀﻠﻬﺎ ﺑﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،
ﻭﺑﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻮﻋﻬﺎ ﺣﺘﻰ
ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺃﺗﻢ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ، ﻭﺑﻬﺬﺍ
ﻇﻬﺮﺕ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺃﻓﺮﺩﺕ
ﺍﻟﻤﺼﻨﻔﺎﺕ ﻟﺬﻛﺮ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ﻭﻣﺰﺍﻳﺎﻫﺎ.
- 16 ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ:
ﻓﻘﺪ ﺩﻟّﺖ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ
ﺻﺎﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﺆﻫﻠﻴﻦ ﻟﻼﺳﺘﺨﻼﻑ،
ﻭﺗﺤﻜﻴﻢ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻣﺮﻩ،
ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ.
- 17 ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻢ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ
ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ:
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﻋﻤﻞ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻮﺭ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﺣﻴﺚ ﺑﻨﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ؛ ﻟﺘﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﻌﺎﺋﺮ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺣﻮﺭﺑﺖ، ﻭﻟﺘﻘﺎﻡ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ
ﺑﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﻟﻴﻜﻮﻥ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎً
ﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ.
- 18 ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻢ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ:
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ
ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺃﺧﺘﻬﺎ ﺃﺳﻤﺎﺀ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻧﻌﻢ
ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ؛
ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺬﻻ ﺃﺑﺎﻫﻤﺎ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻣﻊ
ﻋﻠﻤﻬﻤﺎ ﺑﺨﻄﺮ ﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮﺓ، ﻭﻟﻢ
ﻳﻔﺸﻴﺎ ﺳﺮّ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻷﺣﺪ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻮﺍﻧﻴﺎ
ﻓﻲ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﺔ ﺗﺠﻬﻴﺰﺍً ﻛﺎﻣﻼً،
ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻣﺘﺎ ﺑﻪ.
- 19 ﻋﻈﻢ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﻧﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻖ:
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ
ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺣﻴﻦ ﻧﺎﻡ ﻓﻲ
ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ.
ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ
ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺃﺧﺒﺎﺭ
ﻗﺮﻳﺶ، ﻭﻳﺰﻭﺩ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ.
- 20 ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻭﺫﻭﺑﺎﻥ
ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺎﺕ.
ﻫﺬﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻹﺟﻤﺎﻝ.
ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ
ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ